عربي ودولي

هاتفك في خدمة إسرائيل؟ كلام سياسي ببصمة تقنية

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

عندما قال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إن كل من يحمل هاتفاً ذكياً "يضع قطعة من إسرائيل في يده"، لم يتكلم عن مجاز بلاغي، بل كان يؤسّس لرسالة سياسية وأمنية مدروسة، تكشف عن رؤية تسعى إلى توظيف التكنولوجيا كأداة دعائية، وتستند إلى رصيد ملموس من القدرات التقنية والاستخباراتية.

تقول نانسي بدران، مهندسة حلول الحوسبة للمشاريع السحابية في الحكومة الفيدرالية — أوتاوا، كندا، لـ"النهار": "لإسرائيل مساهمة كبيرة في مجال الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي، خصوصاً في التطبيقات المرتبطة بالهواتف الذكية، وهناك تقنيات متقدمة في التعلّم الآلي لرصد السلوكيات الرقمية، وفي تحليل البيانات الضخمة التي تُستخدم في المراقبة والتجسّس، وتطوير برمجيات تستغل الثغرات للوصول إلى الهواتف عن بُعد.

لقد طورت إسرائيل خبرات واسعة في مجالات التكنولوجيا المتقدمة عبر شراكات مع شركات كبرى مثل "إنتل" و"أبل" و"مايكروسوفت"، ومن خلال مراكز أبحاث أنتجت شرائح ومعالجات أساسية ونفوذاً ملحوظاً في وادي السيليكون. كما أسهمت شركات ناشئة في ابتكار برمجيات للتصوير والأمن السيبراني والاتصالات، صار كثير منها جزءاً من صناعة الهواتف الحديثة. 

تضيف بدران: "علمياً، لا يمكن القول إن كل هاتف يحوي 'قطعة من إسرائيل' بالمعنى المادي؛ ما يوجد هو بصمة وظيفية وتقنية في مجالات البرمجيات الأمنية، شرائح الاتصالات، وأدوات المراقبة الرقمية. هذه بصمة جزئية وليست شاملة، وهي نتيجة بيئة ابتكار قوية ربطت بين الوحدات العسكرية المتخصصة والقطاع التكنولوجي المدني".

ولا يمكن إغفال دور صناعة برمجيات التجسس والاستخبارات الرقمية في المشهد الدولي. فبرمجيات تجسسية تجارية متقدمة قادرة على اختراق هواتف تعمل بنظامَي أندرويد وiOS سراً، كما ظهرت شركات تقدّم أدوات تستغل ثغرات نادرة وتنفّذ هجمات "Zero-Click"، بينما وُظّفت برامج أخرى أحيانًا من قبل جهات حكومية لفحص الأجهزة عند نقاط العبور، ما أثار جدلاً حول حدود الاستخدام وحقوق الخصوصية. هذه الأدوات قادرة على استخراج الرسائل والمكالمات وجهات الاتصال وكلمات المرور، وتشغيل الميكروفون والكاميرا وتحديد الموقع في الوقت الحقيقي، بل وإخفاء نفسها أو الانقضاء التلقائي عند الحاجة.

ميدانياً، تجلّى هذا التفوق في توظيف أنظمة تتبّع متقدمة ونُظم ذكاء اصطناعي لتحليل البيانات وتحديد الأهداف، إلى جانب أدوات مراقبة مكنت من تتبّع أشخاص بدقة لافتة في غزة أو في لبنان، حتى داخل مواقع كان يُعتقد أنها محمية وفي غاية السرية. لذا يصعب اختزال تصريح نتنياهو في خانة المبالغة وحدها. فبصمات التكنولوجيا الإسرائيلية تمتد في البنية التحتية الرقمية العالمية، وفي الأدوات والبرمجيات التي يطوّرها مهندسون نشأوا في أطر استخباراتية. 

لذلك تكتسب عبارة "قطعة من إسرائيل" قدرًا من الصدقية، من دون إغفال البُعدين الخطابي والسياسي، إذ سعى نتنياهو إلى تحويل الإنجاز التقني إلى درع سياسي يذكّر الخصوم والحلفاء بمدى تغلغل إسرائيل في الاقتصاد والابتكار العالمي.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا